الأنوثة بين الضعف و القوة

الأنوثة في معجم المعاني هي ما يميّز الأنثى عن الذكر في الصفات الخُلقية و الخَلقية ، لكن ذلك لا يعني أن لا يتشاركون جميعهما في بعض الخصل، مشاركتها لبعض لا يعني أنّ أيٌّ منهما أصبح شاذاً عن جنسه ، بالعكس قد يعني ذلك أنّ كلاهما مستقل بذاته بحيث يمكنه العيش بدون الآخر في إحدى النواحي المعينة، توضح هذه المقالة جزء مبسط عن علاقة بين فتاة تربت على أيدي رجال و أثرها في التغيير على حياتها..

كانت لاما قريبة من والدها منذ الصغر حتى تخرجت من الجامعة ، وكانت الفتاة الوحيدة بين أطفال العائلة الذكور لفترة طويلة من العمر حتى أصبح من الصعوبة عليها التأقلم مع بنات جنسها.. لاحظت ذلك خلال انتقالها بين المراحل الدراسية  ، و استمر الوضع حتى مرحلة الجامعة وما بعدها ، كان أبرز ما تلاحظه هو الفروقات الكبيرة ما بين التعامل مع زميلاتها و بين زملائها.. تعلمت منها حقيقة بساطة التعامل مع الرجل و درجة تعقيد التعامل مع الأنثى ،لنفترض الحوار التالي لموظفين في نفس المنصب : 

أ-رفعت سماعة الهاتف، وطلبت تحويلة المسؤول: لو سمحت أحتاج ملف بخصوص موضوع الترجمة بأسرع وقت، يرد الرجل: إن شاء الله, أبشري.

ب- رفعت  سماعة الهاتف، وطلبت  تحويلة المسؤولة : هلا ، كيف الحال؟ إن شاء الله بخير؟ كيف الأولاد و الدوام ؟  لو سمحتي أحتاج ملف بخصوص موضوع الترجمة ، وياريت لو ترسلينه بأسرع وقت ممكن لأن الموضوع مستعجل و ضروري ننتهي منه اليوم،ومساعدتك ما نستغني عنها بحكم مركزك و ماشاء الله عليك ماراح تقصرين معنا، ترد: أشوف إذا أقدر أرسله اليوم .

قد يعتبرها الكثيرون بصمة سيئة قد تؤدي إلى ظهور بعض صفات الرجولة أحياناً في تصرفاتها .. لكن في نهاية المراد ستكون هي المسؤولة عن البيت في حال غياب الوالدين ، يعتمد عليها في السفر و حمل الأمتعة و الأوراق الرسمية ، في حالات الطوارئ تكون هي أول شخص يسارع في الـ فزعة * ، قد تتقلد منصب هام بحكم معرفتها لحدود العلاقة بين الجنسين و طريقتها في التعامل في حالة تعدي أحدهم على حدود الشخص الآخر، عندما يكون هناك توازن بين كفة العقل و العواطف فقد قالت مستشارة العلاقات في إحدى كتبها الشهيرة: 

A man's brain has a more difficult time shifting from thinking to feeling than a women's brain does.

~ Barbara De Angelis

عقل الرجل يواجه صعوبة أكثر من عقل المرأة في الإنتقال بين الحالة العقلانية و العاطفية.

~ باربرا دي أنجيلز 

ختاماً: للأنوثة تفسير لدى الرجل ، وللرجولة مفهوم لدى المرأة وكلاهما يتأرجح بين الضعف والقوة، القوة لا تعني إرتفاع الصوت، الهيمنة، أو الغرور.. بل القوة في أن تكون المرأة أنثى  بذكاء وحكمة بحيث تعرف متى تنصت و متى تتكلم، تفرض احترامها و تضع حدودها ، وأهمهم أن يكون العلم أول عامود في أعمدة حياتها.

* فزعة: من النجدة و المسارعة في مساعدة المحتاج و أحيانا تكون بدون معرفة السبب، تنتشر هذه الكلمة بين الوسط الشبابي.

كم تسوى حياتك ؟

      مرة قال لي والدي بأن ننتبه عندما نكون مارّين في إحدى الطرق السريعة فقد يقفز أحد العمالات الأجنبية فجأة بدون سابق إنذار من بين الشجيرات التي تفصل ما بين الطريق حتى لا ينتبه السائق لظهور أحدهم أمامه و يسقط جثة هامدة ! قرر أن ينهي حياته هذا العامل حتى  تُدفع ديّة لأهله مقدارها مليون ريال .. ضحّى بحياته لأن راتبه لا يكفي لسد احتياجاته المعيشية في هذا البلد غير أنّ الباقي لن يكفي ليرسله لأهله الذين ينتظرون رجوعه و الشوق يقتلهم لسماع أخباره .. لكنه انتحر! .. يبدو أن نفس واحدة نقصت و لكن عائلة كاملة ستعيش عيشة كريمة بسبب تضحيته " الإنتحارية" ! هل ما فعله إيثار لنفسه حتى يعيش غيره ؟ هل ستفعل الشيء نفسه لو لم يكن عاقبة الإنتحار النار ؟

ثبت في الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام – أنه قال: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده في نار جهنم يجأبها بطنه خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن تردى في جبل فإنه يتردى في جهنم خالداً مخلداً فيها" رواه البخاري و مسلم

      ما قيمتك بالدنيا ؟ هل تسوى بليون ،اثنين ، عشرة ، ألف .. إلخ من الأرقام الهائلة التي لن تضمن لك عيشة هنيئة و راحة البال ، يقال بأن من لديه المال يستطيع شراء ما يريد حتى الأحبة ليشاركوه فرحته ، لكن هل يستطيع شراء السعادة  و الصحة؟  كم من ثريٍّ تبرع بثروته للحيوانات اللاجئة كأنه يعلم بأن الثروة تعتبر نقمة أكثر من أن تكون نعمة !  هناك من يقيس قيمته و أهمية وجوده بعدد أصحابه  في الشبكات الاجتماعية ( فيسبوك -تويتر-متابعين يوتيوب ..الخ) و الذين يعتبرون حقيقة أكثر عدداً من الأصدقاء الفعليّين !

 قرأت أحد الكتب و كان فيه الكثير من الحكم ومنها "المرء يكسب الناس عن طريق إحدى الثلاث : المال ، الحب  ، أو الخوف "~ Game of Thrones.

فكيف كسبت الأشخاص حولك ؟ الأب قد يكسب عائلته  بماله ، و الأم بحبها لهم لكن من ذا الذي يكسبهم بطغيانه و زرع الخوف في أعماقهم حتى لا يتم تجاوزه ؟ ربما الأخ الأكبر، المدرسين ، المدير و من لديه سلطة على رسم حدود لتصرفاتك ومعاقبتك عليها! 

نرجع لموضوعنا ، كم تسوى حياتك أجيالنا القادمة ما مصيرهم عندما يتم تربيتهم من الآن على أنّ المال هو أساس الحياة؟ ما مدى سطحية تفكيرهم الذي سيكون بناءاً عليه قراراتهم المستقبلية ؟ هل سيلعب الحظ دوره في تعليمهم مبادئ و قيم الحياة أم سيضلون تائيين في قوقعتهم الشفافة ؟ 

فَرضيّة اختلاف البشرية

الصورة

     كانت تجول في خاطري فرضية عنّا ، نحن البشر و ما يميزنا عن الآخرين .. هل نحن نسخ مستنسخة من أسلافنا أم كل شخص منّا مختلف عن الآخر ؟ ما أسس اختلافنا أو تشابهنا ؟ مالذي أثّر على تطور البشرية و كيف يتغير الآخرون ؟
قد تكون فرضيتي خطرت على بالك لكن لم تعِرها الإهتمام و تركتها تختفي بين خبايا الأفكار لتندثر حتى لا تكون مدخل لمتاهاتك الفكرية و بالتالي تؤثر على اعتقاداتك و تصرفاتك لاحقاً .. سأحاول أن أبسط الفرضية حتى تصل لك الفكرة بطريقة سلسلة عن طريق طرح بعض التساؤلات و استخدام بعض الأمثلة .

    بدايتنا كانت عبارة عن بويضة لُقحت و نضجت حتى تكون الجنين.. بغض النظر عن التفاصيل التي تلت هذه المرحلة ، ما الذي يحدد اختلافاتنا وثقافتنا بين دائرة الدين ، الأهل ، البيئة التعليمية ، الأصدقاء ،المال ، الطموح وغيرها ؟  .. مثلا ما هي مالفروقات ما بين تربية الأم بوجود الأب أو بغيابه ، أو إذا كان جميعهما مشغولان بالحياة أو إذا كانت حياتهما انقضت قبل أن يربيا الطفل و يتكفل أحد الأقارب أو الجهات المعنية بتربيته ؟ هل لبيئة الشخص تأثير على مستقبله ؟ هل لنا القدرة على تغيير البيئة لتتلائم مع حاجاتنا أو البيئة هي التي تحدد لنا ماهية احتياجاتنا !  البعض يولد فقيراً و يشقى طول عمره لإيجاد لقمة العيش و بعد ذلك يأتي أجله و تنتقل أملاكه لورثته ، الآخر يولد و ينطبق عليه المثل ( فيه فمه ملعقة ذهب ) و قد يكون ابن الفقير الذي أصبح ثرياً بفضل الله ثم بفضل جهد والده ، سؤالي هنا : هل سيقوم الشخص هذا بتقدير الحياة كتقدير والده لها؟  هل سيقوم بإهدار الثروة على حياته بحكم عدم تعبه في جمعها ؟  أم سيقوم بجمع المزيد لأبنائه حتى ينعموا بحياة أفضل ؟


    مضحك  لدرجة البكاء ما نشاهده حولنا ، فهناك ابن العقيد صاحب السمعة الطيبة  المسجون بقضية سرقة ، و هذه ابنة إمام المسجد التي تقضي آواخر لياليها بنشر فضائح صديقاتها أو مكالمة أحدهم  مقابل مبلغ مالي، وإستشاري أنف و أذن و حنجرة الذي يقضي فترات استراحة القهوة مع سيجارته العزيزة ، فما صحة مقولة " باب النجّار مخلوع " ! النقطة هنا هي أن ما نتصوره عن الآخرين يختلف عن حقيقة واقعهم .. البعض يجب أن يمر بظروف لتغيره للأفضل و البعض الآخر يقرأ عن ظروف الآخرين ليتغير! منّا من يتأثر بالكلمة الطيبة، و الآخرلا ينفع معه إلّا القسوة ! نختلف في تعاملنا مع أنفسنا و مع الآخرين لكن مالذي يجبرنا على الإختلاف!


     ختاماً ... جربوا متعة مشاهدة السيارات في إحدى الطرق السريعة بينما تكونون واقفين على أحد جسور المشاة التي تقطع الشارع , كلنا بشر خلقنا من نفس واحدة لكن ما الذي يجعلنا مختلفين ؟  

مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة

الصورة

بسم الله ،،

فكرة التدوين بدأت منذ أكثر من سنة ، و أخيراً جمعت عزيمتي من شهرين و الذي دفعني لذلك  حضور  دورة"ورشة عمل التدوين وانشاء المدونات الالكترونية " و كانت هي المفتاح لبوابة التدوين .. جمال التدوين من وجهة نظري هو الإستمرارية في مواضيع مختلفة تمسّ العالم حولنا و طرحها بطريقة تميّز الكاتب عن غيره.

المميز هنا:لن تجد إجابة واحدة تكون هي الحل لتساؤلاتنا في المدونة لكن التساؤلات حتماً سيكون لها أكثر من إجابة لتغوص في متاهات الواقع بين عدة آراء قد تكون جميعها صحيحة أو قريبة من الصحّة ، سيكون هناك تدوينة إسبوعية لطرح حكمة و ترك المجال للمتابعين بالتعليق حول رأيهم فيها..


لماذا الآن بالذات :
1- تشجعني على الإستمرار في القراءة و قد تكون الدافع لتذكيري بأهميتها كلما نسيت.
2- حتى تكون الأفكار مرتبة و مبسطة  و تندرج تحت نطاق واحد .
3- مشاركة نظرياتي مع الآخرين ، ربما وجدت أحدهم يشاركني فيها أو قد تثير خلايا الإبداع لدى الآخرين.
4-  .... حالياً ثلاث نقاط و الرابعة قد أضيفها لاحقاً ..

كاتبين ! 
 سيثير محتوى هذه المدونة شخصين من بيئة مختلفة لكنها برغم الإختلاف اتفقا على التعاون لطرح نظرياتهما التي تبلورت من مشاركة الآخرين حكاياهم و تحليلها بناءً  أنا باللغة العربية و الكاتب الآخر باللغة الإنجليزية .

مواضيعنا ستكون طرح لبعض النظريات التي تكورت عن طريق مشاهدة التغيرات التي تحدث بطريقة عشوائية و ربطها لتصبح منطقية ، و قد يتم الاستدلال ببعض الحقائق لدعم نظريتنا.